كان هناك مدرّس مجتهد يُقدّر التعليم حق قدره،يريد أن يختبر تلاميذُه اختبارهم الدوري عندما حان موعده؛ولكنه أقدم على فكرة غريبة وجديدة لهذا الاختبار.
فهو لم يُجرِ اختباراً عادياً وتقليدياً بالطرق التحريرية المتعارف عليها،ولا بالأساليب الشفهية المألوفة؛فقد قال لطلبته
إنه حضر ثلاثة نماذج للامتحان ،يناسب كل نموذج منها مستوى معيناً للطلبة...
النموذج الأول للطلاب المتميزين الذين يظنون في أنفسهم أنهم أصحاب مستوى رفيع، وهو عبارة عن أسئلة صعبة.
النموذج الثاني للطلاب متوسطي المستوى الذي يعتقدون أنهم غير قادرين إلا على حلّ الأسئلة العادية التي لا تطلب مقدرةخاصة ، أو مذاكرة مكثّفة .
النموذج الثالث يخصّ ضعاف المستوى ممن يرون أنهم محدودي الذكاء، أو غير مستعدين للأسئلة الصعبة،أو حتى العادية نتيجة إهمالهم وانشغالهم عن الدراسة.
وبعد أن تعجّب التلاميذ من أسلوب هذا لاختبار الفريد من نوعه،والذي لم يتعودوا عليه طوال مراحل دراستهم المختلفةراح كل منهم يختار ما يناسبه من ورقات الأسئلةوتباينت الاختيارات.
- عدد محدود منهم اختار النماذج التي تحتوي على الأسئلة الصعبة.
- وعدد أكبر منهم بقليل تناول الورقة الخاصة
بالطالب العادي- وبقية الطلاب تسابقوا للحصول على الوريقات المصممة للطلاب الضعاف.
[img]
[/img]
وقبل أن نعرف معاً ما حدث في هذا الاختبار العجيب أسألك : تُرى أي نموذج كنت ستختار لو كنت أحد طلاب ذلك الفصل ؟؟؟
وبدأوا حل الاختبار ؛ ولكنهم كانوا في حيرة من أمرهم فبعض الطلاب الذين اختاروا الأسئلة الصعبةشعروا بأن الكثير من الأسئلة ليست بالصعوبة التي توقعوها !
أما الطلاب العاديين ؛فقد رأوها بالفعل أسئلة عادية قادرين على حلّ أغلبها،وتمنّوا من داخلهم لو أنهم طلبوا الأسئلة الأصعب؛فربما نجحوا في حلها هي الأخرى .
أما الصدمة الحقيقية ؛فكانت من نصيب أولئك الذين اختاروا الأسئلة الأسهل؛فقد كانت هناك أسئلة لا يظنون أبداً أنها سهلة.
وقف المدرس يراقبهم، ويرصد ردود أفعالهم،وبعد أن انتهى الوقت المحدد للاختبارجمع أوراقهم، ووضعها أمامه، وأخبرهم بأنه سيُحصي درجاتهم أمامهم الآن .
دُهش التلاميذ من ذلك التصريح؛فالوقت المتبقي منالحصة لا يكفي لتصحيح ثلاث أو أربع ورقات؛ فمابالك بأوراق الفصل كله ؟ !
واشتدت دهشتهم وهم يرون معلّمهم ينظر إلى اسم الطالب على الورقة وفئة الأسئلة هل هي للمستوى الأول أو الثاني أو الثالث، ثم يكتب الدرجة التي يستحقها ولم يفهم الطلبة ما يفعل المعلم، وبقوا صامتين متعجبين،ولم يطُل عجبهم؛فسرعان ماانتهى الأستاذ من عمله
ثم التفت إليهم ليخبرهم بعدد من المفاجآت غير المتوقعة.
أفشى لهم الأستاذ أسرار ذلك الاختبار
- فأول سرّ أو مفاجأة، تمثّلت في أن نماذج هذا الاختباركلها متشابهة،ولا يوجد اختلاف في الأسئلة.
- أما ثاني الأسرار أو المفاجأت؛ فكانت في منح مَن اختاروا الأوراق التي اعتقدوا أنها تحتوي على أسئلة أصعب من غيرها درجة الامتياز،وأعطى من تناول ماظنوا أنها أسئلة عادية الدرجة المتوسطة،أما من حصل على الأسئلة التي فكروا في كونها سهلة وبسيطة فقد حصل على درجة ضعيفه وبعد أن فَغَر
أغلب الطلاب أفواههم دهشة واعتراضاً،وعلى وجه الخصوص أصحاب الأسئلة العادية والسهلة،راحوايتأملون كلام الأستاذ وتبيّن لهم مقصده.
وأكّد هذا المدرس هذا المقصد،عندما أعلن لهم بأنه لم يظلم أحداً منهم؛ولكنه أعطاهم ما اختاروا هم لأنفسهم؛فمن كان واثقاً في نفسه وفي استذكاره طلب الأسئلة الصعبة؛فاستحق العلامات النهائية.
ومن كان يشكّ في إمكانياته ويعرف أنه لم يذاكر طويلاً؛فقد اختار لنفسه الأسئلة العادية؛ فحصل على العلامة المتوسطة.
أما الطلاب الضعاف المهملين الذين يرون في أنفسهم التشتت نتيجة لهروبهم من التركيز في المحاضرة أو الحصة،ثم تجاهل مذاكرة الدروس؛فهؤلاء فرحوا بالأسئلة السهلة ؛فلم يستحقوا أكثر من درجة ضعيف.
وهكذا هي اختبارات الحياة
فكما تعلّم هؤلاء الطلبة درساً صعباً،من هذا الاختبار العجيب،عليك أنت أيضاً أن تعلم أن الحياة تُعطيك على قدر ما تستعد لها،وترى في نفسك قدرات حقيقية على النجاح وأن الآخرين - سواء أكانوا أساتذة أو رؤساء عمل أو حتى أصدقاء ومعارف لن يعطوك أبداً أكثر مما تعتقد أنك تستحق .
فإذا أردت أن تحصل على أعلى الدرجات في سباق الحياة ؛عليك أن تكون مستعداً لطلب أصعب الاختبارات دون خوف أو اهتزاز للثقة.
فهل أنت جاهز للاختبارات الصعبة،أم أنك ستُفضّل أن تحصل على درجة ضعيف ؟